من أنا

صورتي
Egypt
الأستاذ ناصر الشافعي shaaafey@yahoo.com مؤلف + مدرب معتمد في التنمية البشرية + عضو نادي المدربين للتنمية البشرية+ خبير تربوي ألفت العديد من الكتب الإسلامية مثل ( أسعد زوجة في العالم + بستان المؤمنين +أطفال لكن دعاة + رمضان وصناعة الحياة + كوني داعية + سمات ومهارات الداعية الناجحة + الإمتاع + 30 مشروعا في رمضان + كيف تكسبين حب الآخرين + فن الإقناع + أسرار السعادة + ........ )

السبت، 12 ديسمبر 2009

بل أستطيع

بل أستطيع
يقول ابن القيم- رحمه الله- : لو أن رجلاً وقف أمام جبل وعزم على إزالته ؛ لأزاله .مظهر من مظاهر الرجل الصفر أو المرأة الصفر عقدة المستحيل ولا أستطيع ولا أقدر ..
مظهر من مظاهر السلبية ودنو الهمة، كم من المرات نضع بأنفسنا العقبات والعراقيل أمام كثير من مشاريعنا؟ نحن بأنفسنا نصنع العقبات ونصنع العراقيل، والواقع يشهد بهذا، فلماذا عذر المستحيل وعذر عدم الاستطاعة وعد القدرة هي الورقة التي نلوح بها دائما؟ فنغلق نحن بأيدينا الأبواب في وجوهنا، والله يا أيها الأخ الحبيب لو فكرنا وحاولنا لوجدنا أن كثيرا من العقبات والعراقيل التي تقف أمامنا إنما هي عراقيل وعقبات وهمية، وما هي إلا حيل نفسية، فكر جيدا وارجع لنفسك وحاسبها وستجد أننا بأنفسنا نعيق أنفسنا عن العمل، فكل أمر بمقدور البشر أن يفعله لا يمكن أبدا أن يكون مستحيلا.
كل أمر بمقدورك أنت أيها الإنسان أن تفعله لا يمكن أن يكون مستحيلا أبدا
سؤل نابليون كيف استطعت أن تولد الثقة في أفراد جيشك؟ فأجاب:
كنت أرد بثلاث على ثلاث، من قال لا أقدر قلت له حاول، ومن قال لا أعرف، قلت له تعلم، ومن قال مستحيل، قلت له جرب.
هكذا إذا، فأقول لك لا تيأس، اجعل هذه الكلمة شعارا لك لكل عمل تقوم به، فلكل مجتهد نصيب، وإن من أدمن قرع الباب ولد.
كن رابط الجأش وارفع راية الأمل………وسر إلى الله في جد بلا هزل
وإن شعرت بنقص فيك تعرفه……….فغذي روحك بالقرآن واكتمل
وحارب النفس وامنعها غوايتها……..فالنفس تهوى الذي يدعو إلى الزلل
قال ابن الجوزي فصل نشدان الكمال - أي طلب الكمال- وقال فيه ( فينبغي للعاقل أن ينتهي إلى غاية ما يمكنه، فلو كان يتصور للآدمي صعود السماوات لرأيت من أقبح النقائص رضاه بالأرض، فلو كانت النبوة تأتي بكسب لم يجز له أن يقنع بالولاية، ولو كانت تحصل بالاجتهاد رأيت المقصر في تحصيلها في حضيض، غير أنه إذا لم يمكن ذلك فينبغي أن يطلب الممكن، أو تصور مثلا أن يكون خليفة لم يحسن به أن يقتنع بإمارة، ولو صح له أن يكون ملكا لم يرضى أن يكون بشرا، والمقصود أن ينتهي بالنفس إلى كمالها الممكن لها في العلم والعمل) انتهى كلامه رحمه الله.
لقد توصلت - بعد سنوات من الدراسة والبحث والتأمل- إلى : أنه لا مستحيل في الحياة ؛ سوى أمرين فقط .الأول : ما كانت استحالته كونية ( فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ) ([1])الثاني : ما كانت استحالته شرعية ؛ مما هو قطعي الدلالة ، والثبوت ، فلا يمكن أن تجعل صلاة المغرب ركعتين ، ولا أن يؤخر شهر الحج عن موعده ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَات) ([2]) ، ولا أن يباح زواج الرجل من امرأة أبيه ( إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً )([3]) وما عدا هذين الأمرين وما يندرج تحتهما من فروع ؛ فليس بمستحيل .قد تكون هناك استحالة نسبية لا كلية ، وهو ما يدخل تحت قاعدة عدم الاستطاعة فقد يعجز فرد عن أمرٍ ؛ ولكن يستطيعه آخرون، وقد لا يتحقق هدف في زمن ؛ ولكن يمكن تحقيقه في زمن آخر ، وقد لا يتأتى إقامة مشروع في مكان ، ويسهل في مكان ثان ، وهكذا .إن الخطورة: تحويل الاستحالة الفردية ، والجزئية ، والنسبية ؛ إلى استحالة كلية شاملة عامة .إن عدم الاستطاعة هو تعبير عن قدرة الفرد ذاته ، أما الاستحالة ؛ فهو وصف للأمر المراد تحقيقه ، وقد حدث خلط كبير بينهما عند كثير من الناس ، فأطلقوا الأول على الثاني .إن من الخطأ أن نحول عجزنا الفردي إلى استحالة عامة ؛ تكون سبباً في تثبيط الآخرين ، ووأد قدراتهم ، وإمكاناتهم في مهدها .إن أول عوامل النجاح ، وتحقيق الأهداف الكبرى هو: التخلص من وهم ( لا أستطيع – مستحيل ) ، وهو بعبارة أخرى: التخلص من العجز الذهني ، وقصور العقل الباطن، ووهن القوى العقلية .إن الأخذ بالأسباب الشرعية ، والمادية يجعل ما هو بعيد المنال حقيقة واقعة .إن كثيراً مـن الـذين يكررون عبـارة : لا أستطيـع ، لا يشخصون حقيقة واقعـة ،يعذرون بها شرعاً وإنما هو انعكاس لهزيمـة نفسية داخلية للتخلص من المسئولية.إن من الخطوات العملية لتحقيق الأهداف الكبرى هو: الإيمان بالله ، وبما وهبك من إمكانات هائلة تستحق الشكر. ومن شكرها : استثمارها ؛ لتحقيق تلك الأهداف التي خلقت من أجله .إن من الأخطاء التي تحول بين الكثيرين ، وبين تحقيق أعظم الأهداف ، وأعلاها ثمناً تصور أنه لا يحقق ذلك إلا الأذكياء .إن الدراسات أثبتت أن عدداً من عظماء التاريخ كانوا أناساً عاديين ، بل إن بعضهم قد يكون فشل في كثير من المجالات كالدراسة مثلاً .لا شك أن الأغبياء لا يصنعون التاريخ ؛ ولكن الذكاء أمر نسبي يختلف فيه الناس ويتفاوتون ، وحكم الناس غالباً على الذكاء الظاهر ، بينما هناك قدرات خفية خارقة لا يراها الناس ؛بل قد لا يدركها صاحبها إلا صدفة ، أو عندما يصر على تحقيق هدف ما ؛ فسرعان ما تتفجر تلك المواهب مخلفة وراءها أعظم الانتصارات ، والأمجاد .إن كل الناس يعيشون أحلام اليقظة ، ولكن الفرق بين العظماء وغيرهم : أن أولئك العظماء لديهم القدرة ، وقوة الإرادة والتصميم على تحويل تلك الأحلام إلى واقع ملموس ، وحقيقة قائمة ، وإبراز ما في العقل الباطن إلى شيء يراه الناس ، ويتفيئون في ظلاله .إن من أهم معوقات صناعة الحياة : الخوف من الفشل ، وهذا بلاء يجب التخلص منه، حيث إن الفشل أمر طبيعي في حياة الأمم ، والقادة ، فهل رأيت دولة خاضت حروبها دون أي هزيمة تذكر ؟!وهل رأيت قائداً لم يهزم في معركة قط ؟!والشذوذ يؤكد القاعدة ، ويؤصلها ، ولا ينقضها.إن من أعظم قادة الجيوش في تاريخ أمتنا – خالد بن الوليد – سيف الله المسلول ، وقد خاض معارك هزم فيها في الجاهلية ، والإسلام ، ولم يمنعه ذلك من المضي قدماً في تحقيق أعظم الانتصارات ، وأروعها .ومن أعظم المخترعين في التاريخ الحديث ؛مخترع الكهرباء ( أديسون ) وقد فشل في قرابة ألف محاولة ؛ حتى توصل إلى اختراعه العظيم ، الذي أكتب لك هذه الكلمات في ضوء اختراعه الخالد .وقد ذكر أحد الكتاب الغربيين ؛ أنه لا يمكن أن يحقق المرء نجاحاً باهراً حتى يتخطى عقبات كبرى في حياته .إن الذين يخافون من الفشل النسبي ، قد وقعوا في الفشل الكلي الذريع ( أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا )([4])
ومن يتهيب صعود الجبال *** يعش أبد الدهر بين الحفر إن البيئة شديدة التأثير على أفرادها ؛ حيث تصوغهم ولا يصوغونها ( إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى )( وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ)([5]) ، ولذلك فهي من أهم الركائز في التقدم ، أو التخلف ، والرجال الذين ملكوا ناصية القيادة والريادة ؛لم يستسلموا للبيئة الفاسدة ولم تمنعهم من نقل تلك البيئة إلى مجتمع يتسم بالمجد والرقي والتقدم ؛ ولذلك أصبح المجدد مجدداً ؛ لأنه جدد لأمته ما اندرس من دينها وتاريخها وقد ختمت النبوة بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم - فلم يبق إلا المجددون والمصلحون ؛ يخرجونها من الظلمات إلى النور فحري بك أن تكون أحد هؤلاء .وإني أبث إليك أسرارا تفتح لك مغاليق الطريق :1- ذلك الكم الهائل من عمرك والذي يعد بعشرات السنين ، قد تحقق من أنفاس متعاقبة وثوان متلاحقة ، وآلاف الكيلو مترات التي قطعتها في حياتك ؛ ليست إلا خطوات تراكمت فأصبحت شيئاً مذكوراً. وكذلك الأهداف الكبرى ؛ تتحقق رويداً رويدا ، وخطوة خطوة ، فعشرات المجلدات التي يكتبها عالم من العلماء ، ليست إلا مجموعة من الحروف ضم بعضها إلى بعض ، حرفاً حرفاً ؛ فأصبحت تراثاً خالداً على مر الدهور والأجيال .2- علو الهدف يحقق العجائب ، فمن كافح ليكون ترتيبه الأول ؛ يحزن إذا كان الثاني ومن كان همه دخول الدور الثاني ؛ يفرح إذا لم يرسب إلا في نصف المقررات والمواد .وإذا كانت النفوس كـباراً *** تعبت في مرادها الأجسام مـن يهـن يسهـل عليه *** ما لجـرح بميت إيـلام 3-الإبداع لا يستجلب بالقوة , وتوتر الأعصاب ؛ وإنما بالهدوء , والسكينة وقوة الإيمان , والثقة بما وهبك الله من إمكانات ، مع الصبر والتصميم , وقوة الإرادة والعزيمة ؛ ولذلك فأكثر الطلاب تفوقاً ؛ أكثرهم هدوءاً , وأقلهم اضطراباً عند الامتحان . وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أشجع الناس ، وأربطهم جأشاً ، وأثبتهم جناناً ، وأقواهم بأساً ؛ يتقون به عند الفزع لا يعرف الخوف إلى قلبه سبيلاً 4-التفكير السليم المنطقي يقود إلى النجاح ، والتخطيط العلمي العملي طريق لا يضل سالكه .وفشل كثير من المشروعات منشؤه الخطأ في طريقة التفكير ، والمقدمات الخاطئة تقود إلى نتائج خاطئة 5- الواقعية لا تتعارض مع تحقيق أعظم الانتصارات ، والريادة في صناعة الحياة ؛ بل هي ركن أساس من أركانها ، وركيزة يبنى عليها ما بعده ، وعاصم من الفشل والإخفاق بإذن الله .6- كثير من المشكلات الأسرية , والشخصية ، والاجتماعية ؛ منشؤها توهم صعوبة حلها , أو استحالته . بينما قد يكون الحل قاب قوسين أو أدنى ؛ ولكن الأمر يحتاج إلى عزيمة وتفكير ، يبدأ من تحديد المشكلة ثم تفكيكها إلى أجزاء ، ومن ثم المباشرة في علاج كل جزء بما يناسبه .7– ( (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين ُ) ([6])جماع الأمر ، ومدار العمل ، والقاعدة الصلبة التي بدونها تكون الحياة هباء منثوراً .يجب أن تخاطرإن الشيء لا يحدث ما لم تتخذ خطوات للقيام به .الحلم ، الخطة ، الدفاع عن طريق الانتصار ، الحب الذي يداوي كل ألم ، المناخ المنعش الذي تستطيع فيه أن تعيش في كسل بلا هموم ، الشيء الجديد الذي تريد تأسيسه ، التعليم ، مجال العمل ، المنزل ، السفر ، المكسب وكل المجد .إن كل ما تريده ، كل ما يقلق بذهنك من آمال تعتز بها يعتمد على خوضك للمخاطرة .إن كل شيء يحتوي على مخاطرة . كل شيء!لا شيء في هذا العالم ساكن . لذا ينبغي أن تخاطر طوال الوقت .إنك تخاطر كي تنمو , وتنمو كي تظل شاباً ، كي يكون لديك أمل ، كي تكون مؤمناً بالعالم حالما تصنعه بنفسك .إن المخاطرة ليست بالعمل السهل . ولو كانت كذلك لم تكن لتصبح مخاطرة .تُرى بأي شيء تٌخاطر ؟إنك دائماً معرض لفقدان شيء ما تهتم به عندما تخاطر ، لأن المخاطرة ليست خطوة ، وإنما قفزة .أتعتقد أنك في مأمن ؟ إنك تكون سعيداً فقط وأنت آخذ في النمو .أتعتقد أنك قد أنجزت عملك ؟ إن عملك دائماً يبدأ طالما بقيت حياً .إنك بحاجة لأن تخاطر كي تتوافق مع حياتك بكل ما فيها ، وتكتشف ، وتعرف ، وتتعلم ، وتستسلم ، وتتغاضى ، وتتولد لديك نظرة كاملة ، وتقبل العالم وما يمنحه لك .إنك بحاجة للمخطرة كي تجد نفسك .إنك بحاجة للمخاطرة كي تحيا .إنني أستطيع . إنني أعرف أنني أريد أن .....إنني أستطيع . إنني أعرف أنه لابد أن ...إنني أستطيع نعم !أستطيع .
[1] (البقرة: من الآية258)
[2] البقرة من الآية
[3] النساء: من الآية22
[4] (التوبة: من الآية49)
[5] الزخرف: من الآية23
[6] (الفاتحة:5)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق