من أنا

صورتي
Egypt
الأستاذ ناصر الشافعي shaaafey@yahoo.com مؤلف + مدرب معتمد في التنمية البشرية + عضو نادي المدربين للتنمية البشرية+ خبير تربوي ألفت العديد من الكتب الإسلامية مثل ( أسعد زوجة في العالم + بستان المؤمنين +أطفال لكن دعاة + رمضان وصناعة الحياة + كوني داعية + سمات ومهارات الداعية الناجحة + الإمتاع + 30 مشروعا في رمضان + كيف تكسبين حب الآخرين + فن الإقناع + أسرار السعادة + ........ )

السبت، 8 مايو 2010

اقتله قبل أن يقتلك

اقتله قبل أن يقتلك
يملك قصرا كبيرا ووظيفة جيدة ومن الأطيان الزراعية ما يربو على ثلاثين فدانا ، لا ينام ليلة قرير العين يتمنى خط فلان وأناقة فلان وحسن منطق هذا وحب الناس لذاك وسيارة فلان ، وما أن يترقى شخص في مجال إلا ترى دلائل الحسد في كلامه وفي ردود أفعاله وقد ترى أيضا فيها البغض والكره للمحسود وقد تصل إلى افتعال المشكلات مع المحسود ..
كلما رأيته رددت في داخلي :{ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ }..
أخفي عنه أخبار نجاحي في أي مجال ..
حياته تعاسة ونكد وهم وضيق وهم ، تفضحه عيناه بغاية السهولة ..
حسده هذا يجعله لا يرى في الناس إلا عيوبا ونقائص ، ولا يرى منهم إلا أناسا يستحقون الحرق ..
حسده هذا جعله لا يتقدم في مجال ..
حسده هذا جعله يبذل جهده لإزهاق نجاحات الآخرين ..
{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ...} (النساء/54)
الحسد مرضٌ مزمنٌ يعيثُ في الجسم فساداً ، وقد قيل : لا راحة لحسود فهو ظالمٌ في ثوبِ مظلوم ، وعدوٌّ في جِلْبابِ صديقٍ . وقد قالوا : لله درُّ الحسدِ ما أعْدَلَهْ ، بدأ بصاحبهِ فقتَلَهَ .
بحسدِنا نطعمُ الهمَّ لحومنا ، ونسقي الغمَّ دماءَنا ، ونوزِّعُ نوم جفوننا على الآخرين .
إنَّ الحاسد يُشْعِلُ فرناً ساخناً ثم يقتحمُ فيه . التنغيصُ والكدرُ والهمُّ الحاضرُ أمراضٌ يولّدها الحسدُ لتقضي على الراحةِ والحياةِ الطيبةِ الجميلةِ . بلِيَّةُ الحاسِدِ أنهُ خاصمَ القضاءَ ، واتهم الباري في العدْلِ ، وأساء الأدب مع الشَّرعْ ، وخالف صاحبَ المنْهجِ .
يا للحسد من مرضٍ لا يُؤجرُ عليهِ صاحبُه ، ومن بلاءٍ لا يُثابُ عليه الحاسد المُبْتَلَى به ، وسوف يبقى هذا الحاسدُ في حرقةٍ دائمةٍ حتى يموت أو تذْهَبَ نِعمُ الناسِ عنهم . كلٌّ يُصالحُ إلاَّ الحاسد فالصلحُ معه أن تتخلّى عن نعم اللهِ وتتنازل عن مواهِبِك ، وتُلْغِي خصائِصك ، ومناقِبك ، فإن فعلت ذلك فلَعَلَّهُ يرضى على مضضٍ ، نعوذُ باللهِ من شرِّ حاسد إذا حسدْ ، فإنه يصبحُ كالثعبانِ الأسودِ السَّام لا يقر قراره حتى يُفرِغَ سمَّهُ في جسم بريءٍ .
الحسد من الرذائل الخلقية وهو من أقبح الخصال التي تصيب الإنسان وتنكد له عيشه ؛ فإن الحسود الذي يتمنى الشقاء والنحس لغيره يشقي نفسه أيضا بهذا الحسد ، فهو بدلا من أن يستمد السرور مما أوتي من خير نراه يستمد العذاب من الخير الذي أوتيه غيره .
وعصرنا الحاضر يقوم فيه الحسد بدور خطير ذي أهمية بالغة ، فالفقير يحسد الغني ، والنساء يحسدن الرجال ، والقبيحات يحسدن الجميلات وهكذا... مما يجعل بعض الأمة يكره بعضها الآخر ويتمنون لهم الشقاء ، فالحاسد خلقه اللؤم ولدته الوشاية بين الناس والوقيعة والدس بينهم ، فلا ينفك يدس للرجل الناجح حتى يشوه سمعته لأجل أن يحل محله ، أو يجعل منه إنسانا فاشلا مثله ، فالحسود إنسان فقد الثقة بنفسه واستشعر العجز عن تحقيق غاياته ؛ لذلك نهى القرآن عن الحسد في قوله تعالى :{ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا }(النساء :32)
نهى الله في هذه الآية عن تمني ما أوتي الغير وهو التعرض له بالقلب حسدا ، ثم أخبر الله المؤمنين بأن ما يكتسبه الإنسان هو نتيجة عمله وسعيه ، فعلى المؤمنين أن يعتمدوا على جهودهم ، ومواهبهم لنيل ما يرغبونه وما حرموه فليسالوا الله أن يعطيهم من فضله وإنعامه .
وأمر الله في موضع آخر بالاستعاذة به من الحاسد :{ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}( الفلق :5)
والحاسد يستحق الرثاء والشفقة مما يلاقيه من ألم ، فما أحرى بنا أن نقابل حسد الحاسدين بالعفو عنهم وعدم مؤاخذتهم على حسدهم الذي لا يضر إلا أنفسهم وهذا ما يأمرنا به الله سبحانه :{ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }(البقرة :109)
علاج الحسد : وهناك وسائل شتى للتخلص من الحسد منها : أن يقنع الإنسان بما يصادفه في حياته من خير ويؤدي واجبه مع عدم المقارنة بين حاله ومن هو أسعد منه حظا بل ينظر إلى من هو دونه ليدرك فضل الله عليه .. – فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال « لاَ يَنْظُرُ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فَوْقَهُ فِي الْخَلْقِ أَوِ الْخُلُقِ أَوِ الْمَالِ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ ». ( )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق